فصل: فصل: حكم ما إن كان الكسر على ثلاثة أحياز

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


كتاب الفرائض

روى أبو داود‏,‏ بإسناده عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ ‏(‏‏(‏ العلم ثلاثة‏,‏ وما سوى ذلك فهو فضل آية محكمة وسنة قائمة وفريضة عادلة ‏)‏‏)‏ وعن أبي هريرة‏,‏ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ ‏(‏‏(‏ تعلموا الفرائض وعلموه فإنه نصف العلم‏,‏ وهو ينسى وهو أول شيء ينتزع من أمتي ‏)‏‏)‏ أخرجه ابن ماجه ويروى عن عبد الله أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ ‏(‏‏(‏ تعلموا الفرائض‏,‏ وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض‏,‏ حتى يختلف الرجلان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما ‏)‏‏)‏ وروى سعيد عن جرير بن عبد الحميد‏,‏ عن الأعمش عن إبراهيم قال‏:‏ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏:‏ تعلموا الفرائض فإنها من دينكم وعن جرير‏,‏ عن عاصم الأحول عن مورق العجلي قال‏:‏ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعلموا الفرائض‏,‏ واللحن والسنة كما تعلمون القرآن وقال‏:‏ حدثنا أبو الأحوص‏,‏ أخبرنا أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال‏:‏ من تعلم القرآن فليتعلم الفرائض وروى جابر بن عبد الله‏,‏ قال‏:‏ جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بابنتيها من سعد فقالت‏:‏ يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع‏,‏ قتل أبوهما معك في أحد شهيدا وإن عمهما أخذ مالهما ولا ينكحان إلا ولهما مال قال‏:‏ فنزلت آية الميراث‏,‏ فأرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى عمهما فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏ أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن‏,‏ وما بقي فهو لك ‏)‏‏)‏ رواه أحمد في ‏"‏ مسنده ‏"‏

مسألة‏:‏

قال أبو القاسم -رحمه الله-‏:‏ ‏[‏ولا يرث أخ‏,‏ ولا أخت لأب وأم أو لأب مع ابن ولا مع ابن ابن وإن سفل‏,‏ ولا مع أب‏]‏

أجمع أهل العلم على هذا بحمد الله وذكر ذلك ابن المنذر‏,‏ وغيره والأصل في هذا قول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد ‏)‏‏)‏ الآية والمراد بذلك الإخوة والأخوات من الأبوين أو من الأب‏,‏ بلا خلاف بين أهل العلم ولأنه قال‏:‏ ‏(‏‏(‏ وهو يرثها إن لم يكن لها ولد ‏)‏‏)‏ وهذا حكم العصبة فاقتضت الآية أنهم لا يرثون مع الولد والوالد لأن الكلالة من لا ولد له ولا والد خرج من ذلك البنات‏,‏ والأم لقيام الدليل على ميراثهم معهما بقي ما عداهما على ظاهره فيسقط ولد الأبوين‏,‏ ذكرهم وأنثاهم بثلاثة بالابن وابن الابن وإن سفل وبالأب ويسقط ولد الأب بهؤلاء الثلاثة‏,‏ وبالأخ من الأبوين لما روى عن على رضي الله عنه ‏(‏‏(‏ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى بالدين قبل الوصية ‏)‏‏)‏ ولأن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات يرث الرجل أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه أخرجه الترمذي‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏ولا يرث أخ ولا أخت لأم‏,‏ مع ولد ذكرا كان الولد أو أنثى ولا مع ولد الابن‏,‏ ولا مع أب ولا مع جد‏]‏

وجملة ذلك أن ولد الأم‏,‏ ذكرهم وأنثاهم يسقطون بأربعة بالولد وولد الابن‏,‏ والأب والجد أب الأب وإن علا أجمع على هذا أهل العلم‏,‏ فلا نعلم أحدا منهم خالف هذا إلا رواية شذت عن ابن عباس في أبوين‏,‏ وأخوين لأم للأم الثلث وللأخوين الثلث‏,‏ وقيل عنه‏:‏ لهما ثلث الباقي وهذا بعيد جدا فإن ابن عباس يسقط الإخوة كلهم بالجد فكيف يورث ولد الأم مع الأب ولا خلاف بين أهل العلم في أن ولد الأم يسقطون بالجد‏,‏ فكيف يرثون مع الأب والأصل في هذه الجملة قول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث ‏)‏‏)‏ والمراد بهذه الآية الأخ والأخت من الأم بإجماع أهل العلم وفي قراءة سعد بن أبي وقاص‏:‏ ‏"‏ وله أخ أو أخت من أم ‏"‏‏,‏ والكلالة في قول الجمهور‏:‏ من ليس له ولد ولا والد فشرط في توريثهم عدم الولد والوالد‏,‏ والولد يشمل الذكر والأنثى والوالد يشمل الأب والجد‏.‏

فصل‏:‏

اختلف أهل العلم في الكلالة فقيل‏:‏ الكلالة اسم للورثة‏,‏ ما عدا الوالدين والمولودين نص أحمد على هذا وروى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال‏:‏ الكلالة من عدا الولد والوالد واحتج من ذهب إلى هذا بقول الفرزدق في بني أمية‏:‏

ورثتم قناة المجد لا عن كلالة ** عن ابني مناف عبد شمس وهاشم

واشتقاقه من الإكليل الذي يحيط بالرأس ولا يعلو عليه‏,‏ فكأن الورثة ما عدا الولد والوالد قد أحاطوا بالميت من حوله لا من طرفيه أعلاه وأسفله كإحاطة الإكليل بالرأس فأما الوالد والولد فهما طرفا الرجل‏,‏ فإذا ذهبا كان بقية النسب كلالة قال الشاعر‏:‏

فكيف بأطرافي إذا ما شتمتني ** وما بعد شتم الوالدين صلوح

وقالت طائفة‏:‏ الكلالة اسم للميت نفسه الذي لا ولد له ولا والد يروى ذلك عن عمر وعلي‏,‏ وابن مسعود وقيل‏:‏ الكلالة قرابة الأم واحتجوا بقول الفرزدق الذي أنشدناه عني أنكم ورثتم الملك عن آبائكم لا عن أمهاتكم ويروى عن الزهري أنه قال‏:‏ الميت الذي لا ولد له ولا والد كلالة‏,‏ ويسمى وارثه كلالة والآيتان في سورة النساء والمراد بالكلالة فيهما الميت ولا خلاف في أن اسم الكلالة يقع على الإخوة من الجهات كلها وقد دل على صحة ذلك قول جابر‏:‏ يا رسول الله كيف الميراث‏؟‏ إنما يرثني كلالة فجعل الوارث هو الكلالة‏,‏ ولم يكن لجابر يومئذ ولد ولا والد وممن ذهب إلى أنه يشترط في الكلالة عدم الولد والوالد زيد وابن عباس وجابر بن زيد والحسن‏,‏ وقتادة والنخعي وأهل المدينة والبصرة والكوفة ويروى عن ابن عباس أنه قال‏:‏ الكلالة من لا ولد له ويروى ذلك عن عمر والصحيح عنهما كقول الجماعة‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏والأخوات مع البنات عصبة‏,‏ لهن ما فضل وليست لهن معهن فريضة مسماة‏]‏

العصبة هو الوارث بغير تقدير وإذا كان معه ذو فرض أخذ ما فضل عنه‏,‏ قل أو كثر وإن انفرد أخذ الكل وإن استغرقت الفروض المال سقط والمراد بالأخوات ها هنا الأخوات من الأبوين أو من الأب لأنه قد ذكر أن ولد الأم لا ميراث لهم مع الولد‏,‏ وهذا قول عامة أهل العلم يروى ذلك عن عمر وعلي‏,‏ وزيد وابن مسعود ومعاذ‏,‏ وعائشة رضي الله عنهم وإليه ذهب عامة الفقهاء إلا ابن عباس ومن تابعه فإنه يروى عنه أنه كان لا يجعل الأخوات مع البنات عصبة‏,‏ فقال في بنت وأخت‏:‏ للبنت النصف ولا شيء للأخت فقيل له‏:‏ إن عمر قضى بخلاف ذلك جعل للأخت النصف فقال ابن عباس‏:‏ أنتم أعلم أم الله‏؟‏ يريد قول الله سبحانه‏:‏ ‏(‏‏(‏ إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك ‏)‏‏)‏ فإنما جعل لها الميراث بشرط عدم الولد والحق فيما ذهب إليه الجمهور‏,‏ فإن ابن مسعود قال في بنت وبنت ابن وأخت‏:‏ لأقضين فيها بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للبنت النصف‏,‏ ولبنت الابن السدس وما بقي فللأخت رواه البخاري وغيره واحتجاج ابن عباس لا يدل على ما ذهب إليه‏,‏ بل يدل على أن الأخت لا يفرض لها النصف مع الولد ونحن نقول به فإن ما تأخذ مع البنت ليس بفرض‏,‏ وإنما هو بالتعصيب كميراث الأخ وقد وافق ابن عباس على ثبوت ميراث الأخ مع الولد مع قول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ وهو يرثها إن لم يكن لها ولد ‏)‏‏)‏ وعلى قياس قوله ينبغي أن يسقط الأخ لاشتراطه في توريثه منها عدم ولدها وهو خلاف الإجماع‏,‏ ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو المبين لكلام الله تعالى قد جعل للأخت مع البنت وبنت الابن الباقي عن فرضهما وهو الثلث‏,‏ ولو كانت ابنتان وبنت ابن لسقطت بنت الابن وكان للأخت الباقي‏,‏ وهو الثلث فإن كان معهم أم فلها السدس ويبقى للأخت السدس فإن كان بدل الأم زوج فالمسألة من اثني عشر‏,‏ للزوج الربع وللابنتين الثلثان وبقي للأخت نصف السدس فإن كان معهم أم‏,‏ عالت المسألة وسقطت الأخت‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وبنات الابن بمنزلة البنات إذا لم يكن بنات‏]‏

أجمع أهل العلم على أن بنات الابن بمنزلة البنات عند عدمهن في إرثهن‏,‏ وحجبهن لمن يحجبه البنات وفي جعل الأخوات معهن عصبات وفي أنهن إذا استكملن الثلثين سقط من أسفل منهن بنات الابن‏,‏ وغير ذلك والأصل في ذلك قول الله عز وجل‏:‏ ‏(‏‏(‏ يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ‏)‏‏)‏ وولد البنين أولاد قال الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ يا بني آدم ‏)‏‏)‏ يخاطب بذلك أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- وقال‏:‏ ‏(‏‏(‏ يا بني إسرائيل ‏)‏‏)‏ يخاطب بذلك من في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم وقال الشاعر‏:‏

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ** بنوهن أبناء الرجال الأباعد

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏فإن كن بنات وبنات ابن فللبنات الثلثان وليس لبنات الابن شيء‏,‏ إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين‏]‏

أجمع أهل العلم على أن فرض الابنتين الثلثان إلا رواية شاذة عن ابن عباس‏,‏ أن فرضهما النصف لقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ‏)‏‏)‏ فمفهومه أن ما دون الثلاث ليس لهما الثلثان والصحيح قول الجماعة فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأخى سعد بن الربيع‏:‏ ‏"‏ أعط ابنتي سعد الثلثين ‏"‏ وقال الله تعالى في الأخوات‏:‏ ‏(‏‏(‏ فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك ‏)‏‏)‏ وهذا تنبيه على أن للبنتين الثلثين لأنهما أقرب ولأن كل من يرث الواحد منهم النصف فللاثنتين منهم الثلثان‏,‏ كالأخوات من الأبوين والأخوات من الأب وكل عدد يختلف فرض واحدهم وجماعتهم فللاثنين منهم مثل فرض الجماعة‏,‏ كولد الأم والأخوات من الأبوين أو من الأب‏,‏ فأما الثلاث من البنات فما زاد فلا خلاف في أن فرضهن الثلثان وأنه ثابت بقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ‏)‏‏)‏ واختلف فيما ثبت به فرض الابنتين‏,‏ فقيل‏:‏ ثبت بهذه الآية والتقدير فإن كن نساء اثنتين‏,‏ وفوق صلة كقوله‏:‏ ‏(‏‏(‏ فاضربوا فوق الأعناق ‏)‏‏)‏ أي اضربوا الأعناق وقد دل على هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين نزلت هذه الآية أرسل إلى أخي سعد بن الربيع‏:‏ ‏"‏ أعط ابنتي سعد الثلثين ‏"‏ وهذا من النبي -صلى الله عليه وسلم- تفسير للآية‏,‏ وبيان لمعناها واللفظ إذا فسر كان الحكم ثابتا بالمفسر لا بالتفسير ويدل على ذلك أيضا أن سبب نزول الآية قصة بنتي سعد بن الربيع وسؤال أمهما عن شأنهما في ميراث أبيهما وقيل‏:‏ بل ثبت بهذه السنة الثابتة وقيل‏:‏ بل ثبت بالتنبيه الذي ذكرناه وقيل‏:‏ بل ثبت بالإجماع وقيل‏:‏ بالقياس وفي الجملة فهذا حكم قد أجمع عليه‏,‏ وتواردت عليه الأدلة التي ذكرناها كلها فلا يضرنا أيها أثبته وأجمع أهل العلم على أن بنات الصلب متى استكملن الثلثين سقط بنات الابن‏,‏ ما لم يكن بإزائهن أو أسفل منهن ذكر يعصبهن وذلك لأن الله تعالى لم يفرض للأولاد إذا كانوا نساء إلا الثلثين قليلات كن أو كثيرات‏,‏ وهؤلاء لم يخرجن عن كونهن نساء من الأولاد وقد ذهب الثلثان لولد الصلب فلم يبق لهن شيء‏,‏ ولا يمكن أن يشاركن بنات الصلب لأنهن دون درجتهن فإن كان مع بنات الابن ابن في درجتهن كأخيهن‏,‏ أو ابن عمهن أو أنزل منهن كابن أخيهن أو ابن ابن عمهن‏,‏ أو ابن ابن ابن عمهن عصبهن في الباقي فجعل بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وهذا قول عامة العلماء يروى ذلك عن علي‏,‏ وزيد وعائشة رضي الله عنهم وبه قال مالك والثوري‏,‏ والشافعي رضي الله عنهم وإسحاق وأصحاب الرأي وبه قال سائر الفقهاء إلا ابن مسعود ومن تبعه فإنه خالف الصحابة في ست مسائل من الفرائض هذه إحداهن‏,‏ فجعل الباقي للذكر دون أخواته وهو قول أبي ثور لأن النساء من الأولاد لا يرثن أكثر من الثلثين بدليل ما لو انفردن وتوريثهن ها هنا يفضي إلى توريثهن أكثر من ذلك ولنا قول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ‏)‏‏)‏ وهؤلاء يدخلون في عموم هذا اللفظ بدليل تناوله لهم لو لم يكن بنات وعدم البنات لا يوجب لهم هذا الاسم ولأن كل ذكر وأنثى يقتسمون المال إذا لم يكن معهم ذو فرض‏,‏ يجب أن يقتسما الفاضل عنه كأولاد الصلب والإخوة مع الأخوات وما ذكروه فهو في الاستحقاق للفرض فأما في مسألتنا فإنما يستحقون بالتعصيب‏,‏ فكان معتبرا بأولاد الصلب والإخوة والأخوات ثم ويبطل ما ذكروه بما إذا خلف ابنا وست بنات‏,‏ فإنهن يأخذن ثلاثة أرباع المال وإن كن ثمانيا أخذن أربعة أخماسه وإن كن عشرا أخذن خمسة أسداسه وكلما زدن في العدد‏,‏ زاد استحقاقهن‏.‏

فصل‏:‏

وابن ابن الابن يعصب من في درجته من أخواته وبنات عمه وبنات ابن عم أبيه‏,‏ على كل حال ويعصب من هو أعلى منه من عماته وبنات عم أبيه ومن فوقهن بشرط أن لا يكن ذوات فرض‏,‏ ويسقط من هو أنزل منه كبناته وبنات أخيه‏,‏ وبنات ابن عمه فلو خلف الميت خمس بنات ابن بعضهن أنزل من بعض لا ذكر معهن وعصبة‏,‏ كان للعليا النصف وللثانية السدس وسقط سائرهن‏,‏ والباقي للعصبة فإن كان مع العليا أخوها أو ابن عمها فالمال بينهما على ثلاثة‏,‏ وسقط سائرهن فإن كان مع الثانية عصبها وكان للعليا النصف والباقي بينه وبين الثانية على ثلاثة وإن كان مع الثالثة‏,‏ فللعليا النصف وللثانية السدس والباقي بينه وبين الثالثة على ثلاثة وإن كان مع الرابعة فللعليا النصف‏,‏ وللثانية السدس والباقي بينه وبين الثالثة والرابعة على أربعة وإن كان مع الخامسة فالباقي بعد فرض الأولى والثانية‏,‏ بينه وبين الثالثة والرابعة والخامسة على خمسة وتصح من ثلاثين وإن كان أنزل من الخامسة فكذلك ولا أعلم في هذا خلافا بين القائلين بتوريث بنات الابن مع بني الابن بعد استكمال الثلثين‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏فإن كانت ابنة واحدة وبنات ابن‏,‏ فلابنة الصلب النصف ولبنات الابن واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين‏,‏ إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين‏]‏

في هذه المسألة ثلاثة أحكام أحدها أن للبنت الواحدة النصف‏,‏ ولا خلاف في هذا بين علماء المسلمين لقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ وإن كانت واحدة فلها النصف ‏)‏‏)‏ ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى في بنت وبنت ابن وأخت أن للبنت النصف ولبنت الابن السدس‏,‏ وما بقي فللأخت الثاني أنه إذا كان مع البنت الواحدة بنت ابن أو بنات ابن‏,‏ فللبنت النصف ولبنات الابن واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين وهذا أيضا مجمع عليه بين العلماء والأصل فيه قول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ‏)‏‏)‏ ففرض للبنات كلهن الثلثين وبنات الصلب‏,‏ وبنات الابن كلهن نساء من الأولاد فكان لهن الثلثان بفرض الكتاب لا يزدن عليه واختصت بنت الصلب بالنصف لأنه مفروض لها‏,‏ والاسم متناول لها حقيقة فيبقى للبقية تمام الثلثين ولهذا قال الفقهاء‏:‏ لهن السدس تكملة الثلثين وقد روى هذيل بن شرحبيل الأودى قال‏:‏ ‏(‏‏(‏ سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن‏,‏ وأخت فقال‏:‏ للبنت النصف وما بقي فللأخت فأتى ابن مسعود‏,‏ وأخبره بقول أبي موسى فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏ لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ‏)‏‏)‏ ولكن أقضى فيها بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لابنه النصف ولابنة الابن السدس‏,‏ تكملة الثلثين وما بقي فللأخت فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود‏,‏ فقال‏:‏ لا تسألوني عن شيء ما دام الحبر فيكم ‏)‏‏)‏ متفق عليه بنحو من هذا المعنى الحكم الثالث إذا كان مع بنات الابن ذكر في درجتهن فإنه يعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين‏,‏ في قول جمهور الفقهاء من الصحابة ومن بعدهم إلا ابن مسعود في من تابعه فإنه خالف الصحابة فيها وهذه المسألة الثانية التي انفرد فيها عن الصحابة‏,‏ فقال‏:‏ لبنات الابن الأضر بهن من المقاسمة أو السدس فإن كان السدس أقل مما يحصل لهن بالمقاسمة فرضه لهن‏,‏ وأعطى الباقي للذكر وإن كان الحاصل لهن بالمقاسمة أقل قاسم بهن وبني ذلك على أصله في أن بنت الابن لا يعصبها أخوها إذا استكمل البنات الثلثين‏,‏ إلا أنه ناقص في المقاسمة إذا كان أضر بهن وكان ينبغي أن يعطيهن السدس على كل حال ولنا قول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ‏)‏‏)‏ ولأنه يقاسمها لو لم يكن غيرهما‏,‏ فقاسمها مع بنت الصلب كما لو كانت المقاسمة أضر بهن وأصله الذي بني عليه فاسد كما قدمنا‏.‏

فصل‏:‏

وحكم بنات ابن الابن مع بنات الابن‏,‏ حكم بنات الابن مع بنات الصلب في جميع ما ذكرنا في هاتين المسألتين وفي أنه متى استكمل من فوق السفلى الثلثين‏,‏ سقطت إذا لم يكن لها من يعصبها سواء كمل الثلثان لمن في درجة واحدة أو للعليا‏,‏ أو التي تليها وكذلك كل من نزلت درجته مع من هو أعلى منه وقد مثلنا ذلك في المسألة التي ذكرنا في أخر المسألة التي قبل هذه‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏والأخوات من الأب بمنزلة الأخوات من الأب والأم إذا لم يكن أخوات لأب وأم فإن كان أخوات لأب وأم‏,‏ وأخوات لأب فللأخوات من الأب والأم الثلثان وليس للأخوات من الأب شيء‏,‏ إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كانت أخت واحدة لأب وأم وأخوات لأب‏,‏ فللأخت للأب والأم النصف وللأخوات من الأب واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين‏,‏ إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين‏]‏

وهذه الجملة كلها مجمع عليها بين علماء الأمصار إلا ما كان من خلاف ابن مسعود ومن تبعه‏,‏ لسائر الصحابة والفقهاء في ولد الأب إذا استكمل الأخوات من الأبوين الثلثين فإنه جعل الباقي للذكر من ولد الأب دون الإناث فإن كانت أخت واحدة من أبوين وإخوة وأخوات من أب‏,‏ جعل للإناث من ولد الأب الأضر بهن من المقاسمة أو السدس وجعل الباقي للذكور كفعله في ولد الابن مع البنات على ما مر تفصيله وشرحه‏,‏ وقد سبق ذكر حجته وجوابها بما يغني عن إعادته فأما فرض الثلثين للأختين فصاعدا والنصف للواحدة المفردة‏,‏ فثابت بقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك ‏)‏‏)‏ والمراد بهذه الآية ولد الأبوين وولد الأب بإجماع أهل العلم وروى جابر قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله‏,‏ كيف أصنع في مالى ولى أخوات‏؟‏ قال‏:‏ فنزلت آية الميراث‏:‏ ‏(‏‏(‏ يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ‏)‏‏)‏ رواه أبو داود وروى أن جابرا اشتكى وعنده سبع أخوات فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏‏(‏ قد أنزل الله في أخواتك ‏)‏‏)‏ فبين لهن الثلثين وما زاد على الأختين في حكمهما لأنه إذا كان للأختين الثلثان فالثلاث أختان فصاعدا وأما سقوط الأخوات من الأب‏,‏ باستكمال ولد الأبوين الثلثين فلأن الله تعالى إنما فرض للأخوات الثلثين فإذا أخذه ولد الأبوين لم يبق مما فرضه الله تعالى للأخوات شيء يستحقه ولد الأب‏,‏ فإن كانت واحدة من الأبوين فلها النصف بنص الكتاب وبقي من الثلثين المفروضة للأخوات سدس‏,‏ يكمل به الثلثان فيكون للأخوات للأب ولذلك قال الفقهاء‏:‏ لهن السدس تكملة الثلثين فإن كان ولد الأب ذكورا وإناثا‏,‏ فالباقي بينهم لقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ‏)‏‏)‏ ولا يفارق ولد الأب مع ولد الأبوين ولد الابن مع ولد الصلب إلا في أن بنت الابن يعصبها ابن أخيها ومن هو أنزل منها والأخت من الأب لا يعصبها إلا أخوها‏,‏ فلو استكمل الأخوات من الأبوين الثلثين وثم أخوات من أب وابن أخ لهن لم يكن للأخوات للأب شيء‏,‏ وكان الباقي لابن الأخ لأن ابن الابن وإن نزل ابن وابن الأخ ليس بأخ‏.‏

فصل‏:‏

أربعة من الذكور يعصبون أخواتهم فيمنعونهن الفرض‏,‏ ويقتسمون ما ورثوا للذكر مثل حظ الأنثيين وهم الابن وابن الابن وإن نزل‏,‏ والأخ من الأبوين والأخ من الأب وسائر العصبات ينفرد الذكور بالميراث دون الإناث وهم بنو الأخ والأعمام‏,‏ وبنوهم وذلك لقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ‏)‏‏)‏ فهذه الآية تناولت الأولاد وأولاد الابن وقال تعالى ‏(‏‏(‏ وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ‏)‏‏)‏ فتناولت ولد الأبوين وولد الأب وإنما اشتركوا لأن الرجال والنساء كلهم وراث‏,‏ فلو فرض للنساء فرض أفضى إلى تفضيل الأنثى على الذكر أو مساواتها إياه أو إسقاطه بالكلية‏,‏ فكانت المقاسمة أعدل وأولى وسائر العصبات ليس أخواتهم من أهل الميراث فإنهن لسن بذوات فرض ولا يرثن منفردات‏,‏ فلا يرثن مع إخوتهن شيئا وهذا لا خلاف فيه بحمد الله ومنته‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وللأم الثلث إذا لم يكن إلا أخ واحد أو أخت واحدة‏,‏ ولم يكن له ولد ولا ولد ابن فإن كان له ولد أو أخوان‏,‏ أو أختان فليس لها إلا السدس‏]‏

وجملة ذلك أن للأم ثلاثة أحوال‏:‏ حال ترث فيها الثلث بشرطين أحدهما عدم الولد‏,‏ وولد الابن من الذكور والإناث والثاني عدم الابنين فصاعدا من الإخوة والأخوات من أي الجهات كانوا‏,‏ ذكورا وإناثا أو ذكورا أو إناثا فلها في هذه الحال الثلث بلا خلاف نعلمه بين أهل العلم الحال الثاني‏,‏ لها السدس إذا لم يجتمع الشرطان بل كان للميت ولد‏,‏ أو ولد ابن أو اثنان من الإخوة والأخوات في قول جمهور الفقهاء وقال ابن عباس‏:‏ لا يحجب الأم عن الثلث إلى السدس من الإخوة والأخوات إلا ثلاثة وحكى ذلك عن معاذ لأن الله تعالى قال‏:‏ ‏(‏‏(‏ فإن كان له إخوة فلأمه السدس ‏)‏‏)‏ وأقل الجمع ثلاثة وروى أن ابن عباس قال لعثمان رضي الله عنه‏:‏ ليس الأخوان إخوة في لسان قومك فلم تحجب بهما الأم‏؟‏ فقال‏:‏ لا أستطيع أن أرد شيئا كان قبلي‏,‏ ومضى في البلدان وتوارث الناس به ولنا قول عثمان هذا‏,‏ فإنه يدل على أنه إجماع تم قبل مخالفة ابن عباس ولأن كل حجب تعلق بعدد كان أوله اثنين كحجب البنات بنات الابن والأخوات من الأبوين الأخوات من الأب‏,‏ والإخوة تستعمل في الاثنين قال الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ‏)‏‏)‏ وهذا الحكم ثابت في أخ وأخت ومن أهل اللغة من يجعل الاثنين جمعا حقيقة ومنهم من يستعمله مجازا‏,‏ فيصرف إليه بالدليل ولا فرق في حجبها بين الذكر والأنثى لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ إخوة ‏)‏‏)‏ وهذا يقع على الجميع بدليل قوله‏:‏ ‏(‏‏(‏ وإن كانوا إخوة رجالا ونساء ‏)‏‏)‏ ففسرهم بالرجال والنساء الحال الثالث إذا كان زوج وأبوان أو امرأة وأبوان‏,‏ فللأم ثلث الباقي بعد فرض الزوجين وهذه يأتى ذكرها -إن شاء الله تعالى-‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ وليس للأب مع الولد الذكر‏,‏ أو ولد الابن إلا السدس فإن كن بنات كان له ما فضل

يعني‏,‏ والله أعلم كان له ما فضل بعد أن يفرض له السدس فيكون له ثلاثة أحوال حال يرث فيها بالفرض‏,‏ وهي مع الابن أو ابن الابن وإن سفل فليس له إلا السدس والباقي للابن ومن معه لا نعلم في هذا خلافا وذلك لقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ‏)‏‏)‏ الحال الثانية يرث فيها بالتعصيب المجرد‏,‏ وهي مع غير الولد فيأخذ المال إن انفرد وإن كان معه ذو فرض غير الولد كزوج‏,‏ أو أم أو جدة فلذى الفرض فرضه‏,‏ وباقى المال له لقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ‏)‏‏)‏ فأضاف الميراث إليهما ثم جعل للأم الثلث فكان الباقي للأب‏,‏ ثم قال‏:‏ ‏(‏‏(‏ فإن كان له إخوة فلأمه السدس ‏)‏‏)‏ فجعل للأم مع الإخوة السدس ولم يقطع إضافة الميراث إلى الأبوين ولا ذكر للإخوة ميراثا‏,‏ فكان الباقي كله للأب الحال الثالثة يجتمع له الأمران الفرض والتعصيب وهي مع إناث الولد‏,‏ أو ولد الابن فله السدس لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ‏)‏‏)‏ ولهذا كان للأب السدس مع البنت بالإجماع ثم يأخذ ما بقي بالتعصيب لما روى ابن عباس‏,‏ قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏‏(‏ ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر ‏)‏‏)‏ متفق عليه والأب أولى رجل بعد الابن وابنه وأجمع أهل العلم على هذا كله فليس فيه بحمد الله اختلاف نعلمه‏.‏

فصل‏:‏

والجد كالأب في أحواله الثلاث‏,‏ وله حال رابع مع الإخوة يذكر في بابه ويسقط بالأب لأنه يدلى به فيسقط به‏,‏ كالإخوة وكذلك كل جد يسقط بابنه لكونه يدلى به وينقص الجد عن رتبة الأب في زوج وأبوين أو امرأة وأبوين‏,‏ فيفرض للأم فيهما ثلث جميع المال وباقيه للجد بخلاف الأب‏.‏

مسألة

قال‏:‏ ‏[‏وللزوج النصف‏,‏ إذا لم يكن ولد فإن كان لها ولد فله الربع‏,‏ وللمرأة الربع واحدة كانت أو أربعا إذا لم يكن ولد فإن كان له ولد فلهن الثمن‏]‏

وجملة ذلك أن الزوج والزوجة ذو فرض‏,‏ لا يرثان بغيره وفرض الزوج النصف مع عدم ولد الميتة وولد ابنها والربع مع الولد أو ولد الابن وفرض الزوجة والزوجات الربع مع عدم ولد الزوج وولد ابنه والثمن مع الولد أو ولد الابن الواحد والأربع سواء بإجماع أهل العلم والأصل فيه قول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين ‏)‏‏)‏ وإنما جعل للجماعة مثل ما للواحدة لأنه لو جعل لكل واحدة الربع‏,‏ وهن أربع لأخذن جميع المال وزاد فرضهن على فرض الزوج ومثل هذا في الجدات للجماعة مثل ما للواحدة لأن الجدات لو أخذت كل واحدة منهن السدس‏,‏ لأخذن النصف فزدن على ميراث الجد فأما سائر أصحاب الفروض كالبنات‏,‏ وبنات الابن والأخوات المفترقات كلهن فإن لكل جماعة منهن مثل ما للاثنتين‏,‏ على ما ذكر في موضعه وزدن على فرض الواحدة لأن الذكر الذي يرث في درجتهن لا فرض له إلا ولد الأم‏,‏ فإن ذكرهم وأنثاهم سواء لأنهم يرثون بالرحم وقرابة الأم المجردة‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ وابن الأخ للأب والأم أولى من ابن الأخ للأب وابن الأخ للأب أولى من ابن ابن الأخ للأب والأم وابن الأخ وإن سفل إذا كان لأب أولى من العم وابن العم للأب أولى من ابن ابن العم للأب والأم وابن العم وإن سفل أولى من عم الأب

هذا في ميراث العصبة وهم الذكور من ولد الميت‏,‏ وآبائه وأولادهم وليس ميراثهم مقدرا‏,‏ بل يأخذون المال كله إذا لم يكن معهم ذو فرض فإن كان معهم ذو فرض لا يسقط بهم أخذوا الفاضل عن ميراثه كله وأولاهم بالميراث أقربهم‏,‏ ويسقط به من بعد لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏‏(‏ ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر ‏)‏‏)‏ وأقربهم البنون ثم بنوهم وإن سفلوا‏,‏ يسقط قريبهم بعيدهم ثم الأب ثم آباؤه وإن علوا‏,‏ الأقرب منهم فالأقرب ثم بنو الأب وهم الإخوة للأبوين أو للأب ثم بنوهم وإن سفلوا‏,‏ الأقرب منهم فالأقرب ويسقط البعيد بالقريب سواء كان القريب من ولد الأبوين أو من ولد الأب وحده فإن اجتمعوا في درجة واحدة فولد الأبوين أولى لقوة قرابته بالأم‏,‏ فلهذا قال‏:‏ ابن الأخ للأب والأم أولى من ابن الأخ للأب لأنهما في درجة واحدة وابن الأخ للأب أولى من ابن ابن الأخ للأب والأم لأن ابن الأخ للأب أعلى درجة من ابن ابن الأخ للأب والأم وعلى هذا أبدا ومهما بقي من بني الأخ أحد‏,‏ وإن سفل فهو أولى من العم لأنه من ولد الأب والعم من ولد الجد فإذا انقرض الإخوة وبنوهم‏,‏ فالميراث للأعمام ثم بنيهم على هذا النسق إن استوت درجتهم قدم من هو لأبوين‏,‏ فإن اختلفت قدم الأعلى وإن كان لأب ومهما بقي منهم أحد وإن سفل‏,‏ فهو أولى من عم الأب لأن الأعمام من ولد الجد وأعمام الأب من ولد أب الجد فإذا انقرضوا‏,‏ فالميراث لأعمام الأب على هذا النسق ثم لأعمام الجد ثم بنيهم‏,‏ وعلى هذا أبدا لا يرث بنو أب أعلى مع بني أب أقرب منه وإن نزلت درجتهم لما مر في الحديث‏,‏ وهذا كله مجمع عليه بحمد الله ومنه‏.‏

قال‏:‏

مسألة

‏[‏وإذا كان زوج وأم وإخوة من أم وإخوة لأب وأم فللزوج النصف‏,‏ وللأم السدس وللأخوة من الأم الثلث وسقط الإخوة من الأب والأم‏]‏

هذه المسألة تسمى المشركة‏,‏ وكذلك كل مسألة اجتمع فيها زوج وأم أو جدة واثنان فصاعدا من ولد الأم وعصبة من ولد الأبوين وإنما سميت المشركة لأن بعض أهل العلم شرك فيها بين ولد الأبوين وولد الأم في فرض ولد الأم فقسمه بينهم بالسوية وتسمى الحمارية لأنه يروى أن عمر رضي الله عنه أسقط ولد الأبوين‏,‏ فقال بعضهم‏:‏ يا أمير المؤمنين هب أن أبانا كان حمارا أليست أمنا واحدة‏؟‏ فشرك بينهم ويقال‏:‏ إن بعض الصحابة قال ذلك فسميت الحمارية لذلك واختلف أهل العلم فيها قديما وحديثا فذهب أحمد رضي الله عنه فيها إلى أن للزوج النصف وللأم السدس‏,‏ وللإخوة من الأم الثلث وسقط الإخوة من الأبوين لأنهم عصبة وقد تم المال بالفروض ويروى هذا القول عن على وابن مسعود وأبي بن كعب‏,‏ وابن عباس وأبي موسى رضي الله عنهم وبه قال الشعبي والعنبري‏,‏ وشريك وأبو حنيفة وأصحابه رضي الله عنهم ويحيى بن آدم‏,‏ ونعيم بن حماد وأبو ثور وابن المنذر وروى عن عمر‏,‏ وعثمان وزيد بن ثابت رضي الله عنهم‏,‏ أنهم شركوا بين ولد الأبوين وولد الأم في الثلث فقسموه بينهم بالسوية للذكر مثل حظ الأنثيين وبه قال مالك‏,‏ والشافعي رضي الله عنهما وإسحاق لأنهم ساووا ولد الأم في القرابة التي يرثون بها فوجب أن يساووهم في الميراث فإنهم جميعا من ولد الأم‏,‏ وقرابتهم من جهة الأب إن لم تزدهم قربا واستحقاقا فلا ينبغي أن تسقطهم ولهذا قال بعض الصحابة وبعض ولد الأبوين لعمر وقد أسقطهم‏:‏ هب أن أباهم كان حمارا فما زادهم ذلك إلا قربا فشرك بينهم وحرر بعض أصحاب الشافعي فيها قياسا فقال‏:‏ فريضته جمعت ولد الأب والأم وولد الأم‏,‏ وهم من أهل الميراث فإذا ورث ولد الأم وجب أن يرث ولد الأب والأم كما لو لم يكن فيها زوج ولنا‏,‏ قول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث ‏)‏‏)‏ ولا خلاف في أن المراد بهذه الآية ولد الأم على الخصوص فمن شرك بينهم فلم يعط كل واحد منهما السدس فهو مخالفة لظاهر القرآن‏,‏ ويلزم منه مخالفة ظاهر الآية الأخرى وهي قوله‏:‏ ‏(‏‏(‏ وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ‏)‏‏)‏ يراد بهذه الآية سائر الإخوة والأخوات وهم يسوون بين ذكرهم وأنثاهم وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏‏(‏ ألحقوا الفرائض‏,‏ بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر ‏)‏‏)‏ ومن شرك فلم يلحق الفرائض بأهلها ومن جهة المعنى أن ولد الأبوين عصبة لا فرض لهم‏,‏ وقد تم المال بالفروض فوجب أن يسقطوا كما لو كان مكان ولد الأم ابنتان وقد انعقد الإجماع على أنه لو كان في هذه المسألة واحد من ولد الأم‏,‏ ومائة من ولد الأبوين لكان للواحد السدس وللمائة السدس الباقي‏,‏ لكل واحد عشر عشره وإذا جاز أن يفضلهم الواحد هذا الفضل كله لم لا يجوز لاثنين إسقاطهم‏؟‏ وقولهم‏:‏ تساووا في قرابة الأم قلنا‏:‏ فلم لم يساووهم في الميراث في هذه المسألة‏؟‏ وعلى أنا نقول‏:‏ إن ساووهم في قرابة الأم فقد فارقوهم في كونهم عصبة من غير ذوى الفروض وهذا الذي افترقوا فيه هو المقتضى لتقديم ولد الأم‏,‏ وتأخير ولد الأبوين فإن الشرع ورد بتقديم ذوى الفروض وتأخير العصبة ولذلك يقدم ولد الأم على ولد الأبوين في القدر في المسألة المذكورة وشبهها‏,‏ فكذلك يقدم وإن سقط ولد الأبوين كغيره ويلزمهم أن يقولوا في زوج وأخت من أبوين وأخت من أب معها أخوها إن الأخ يسقط وحده‏,‏ فترث أخته السبع لأن قرابتها مع وجوده كقرابتها مع عدمه وهو لم يحجبها فهلا عدوه حمارا‏,‏ وورثوها مع وجوده كميراثها مع عدمه‏؟‏ وما ذكروه من القياس طردى لا معنى تحته قال العنبرى‏:‏ القياس ما قال على والاستحسان ما قال عمر قال الخبري‏:‏ وهذه وساطة مليحة‏,‏ وعبارة صحيحة وهو كما قال إلا أن الاستحسان المجرد ليس بحجة في الشرع‏,‏ فإنه وضع للشرع بالرأي من غير دليل ولا يجوز الحكم به لو انفرد عن المعارض فكيف وهو في مسألتنا يخالف ظاهر القرآن والسنة والقياس ومن العجب ذهاب الشافعي إليه ها هنا‏,‏ مع تخطئته الذاهبين إليه في غير هذا الموضع وقوله‏:‏ من استحسن فقد شرع وموافقته الكتاب والسنة أولى‏.‏

فصل‏:‏

ولو كان مكان ولد الأبوين عصبة من ولد الأب سقط قولا واحدا‏,‏ ولم يورثهم أحد من أهل العلم فيما علمنا لأنهم لم يساووا ولد الأم في قرابة الأم ولو كان مكانهم أخوات من أبوين أو من أب فرض لهن الثلثان وعالت المسألة إلى عشرة‏,‏ في قول الجميع إلا في قول ابن عباس ومن تابعه ممن لا يرى العول‏,‏ فإنهم يردون النقص على الأخوات غير ولد الأم فمقتضى قوله سقوط الأخوات من ولد الأبوين كما لو كانوا إخوة‏,‏ وسنبين أن الصواب خلاف ذلك -إن شاء الله تعالى-‏.‏

فصل‏:‏

إذا قيل امرأة خلفت أما وابني عم أحدهما زوج والآخر أخ من أم وثلاثة إخوة مفترقين‏,‏ فقل‏:‏ هذه المشركة للزوج النصف وللأم السدس‏,‏ وللأخوين من الأم الثلث وسقط الأخوات من الأبوين والأب ومن شرك جعل للأخ من الأبوين التسع ولكل واحد من الأخوين من الأم تسعا‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وإذا كان زوج وأم وإخوة وأخوات لأم وأخت لأب وأم وأخوات لأب‏,‏ فللزوج النصف وللأم السدس وللإخوة وللأخوات من الأم الثلث بينهم بالتسوية‏,‏ وللأخت من الأب والأم النصف وللأخوات من الأب السدس‏]‏

أما التسوية بين ولد الأم فلا نعلم فيه خلافا‏,‏ إلا رواية شذت عن ابن عباس أنه فضل الذكر على الأنثى لقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ فهم شركاء في الثلث ‏)‏‏)‏ وقال في آية أخرى‏:‏ ‏(‏‏(‏ وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ‏)‏‏)‏ ولنا قول الله تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس ‏)‏‏)‏ فسوى بين الذكر والأنثى‏,‏ وقوله‏:‏ ‏(‏‏(‏ فهم شركاء في الثلث ‏)‏‏)‏ من غير تفضيل لبعضهم على بعض يقتضي التسوية بينهم كما لو وصى لهم بشيء أو أقر لهم به وأما الآية الأخرى‏,‏ فالمراد بها ولد الأبوين وولد الأب بدليل أنه جعل للواحدة النصف وللاثنتين الثلثين‏,‏ وجعل الأخ يرث أخته الكل ثم هذا مجمع عليه فلا عبرة بقول شاذ وتوريث ولد الأم ها هنا الثلث والأم السدس والزوج النصف تسمية لا خلاف فيها أيضا وقد اجتمع في هذه المسألة فروض يضيق المال عنها‏,‏ فإن النصف للزوج والنصف للأخت من الأبوين يكمل المال بهما‏,‏ ويزيد ثلث ولد الأم وسدس الأم وسدس الأخت من الأب‏,‏ فتعول المسألة بثلثيها وأصلها من ستة أسهم فتعول إلى عشرة‏,‏ وتسمى أم الفروخ لكثرة عولها شبهوا أصلها بالأم وعولها بفروخها‏,‏ وليس في الفرائض مسألة تعول بثلثيها سوى هذه وشبهها ولا بد في أم الفروخ من زوج واثنين فصاعدا من ولد الأم‏,‏ وأم أو جدة واثنين من ولد الأبوين أو الأب‏,‏ أو إحداهما من ولد الأبوين والأخرى من ولد الأب فمتى اجتمع فيها هذا‏,‏ عالت إلى عشرة ومعنى العول أن تزدحم فروض لا يتسع المال لها كهذه المسألة‏,‏ فيدخل النقص عليهم كلهم ويقسم المال بينهم على قدر فروضهم كما يقسم مال المفلس بين غرمائه بالحصص لضيق ماله عن وفائهم‏,‏ ومال الميت بين أرباب الديون إذا لم يف لها والثلث بين أرباب الوصايا إذا عجز عنها وهذا قول عامة الصحابة ومن تبعهم من العلماء رضي الله عنهم‏,‏ يروى ذلك عن عمر وعلى والعباس‏,‏ وابن مسعود وزيد وبه قال مالك في أهل المدينة والثوري‏,‏ وأهل العراق والشافعي وأصحابه‏,‏ وإسحاق ونعيم بن حماد وأبو ثور‏,‏ وسائر أهل العلم إلا ابن عباس وطائفة شذت يقل عددها نقل ذلك عن محمد بن الحنفية‏,‏ ومحمد بن على بن الحسين وعطاء وداود‏,‏ فإنهم قالوا‏:‏ لا تعول المسائل روى عن ابن عباس أنه قال في زوج‏,‏ وأخت وأم‏:‏ من شاء باهلته أن المسائل لا تعول إن الذي أحصى رمل عالج عددا أعدل من أن يجعل في مال نصفا‏,‏ ونصفا وثلثا هذان نصفان ذهبا بالمال‏,‏ فأين موضع الثلث‏؟‏ فسميت هذه المسألة مسألة المباهلة لذلك وهي أول مسألة عائلة حدثت في زمن عمر رضي الله عنه فجمع الصحابة للمشورة فيها فقال العباس أرى أن تقسم المال بينهم على قدر سهامهم فأخذ به عمر‏,‏ رضي الله عنه واتبعه الناس على ذلك حتى خالفهم ابن عباس فروى الزهري‏,‏ عن عبد الله بن عبد الله بن عتبة قال‏:‏ لقيت زفر بن أوس البصري فقال‏:‏ نمضى إلى عبد الله بن عباس نتحدث عنده‏,‏ فأتيناه فتحدثنا عنده فكان من حديثه‏,‏ أنه قال‏:‏ سبحان الذي أحصى رمل عالج عددا ثم يجعل في مال نصفا ونصفا‏,‏ وثلثا ذهب النصفان بالمال فأين موضع الثلث‏,‏ وأيم الله لو قدموا من قدم الله وأخروا من أخر الله‏,‏ ما عالت فريضة أبدا فقال زفر‏:‏ فمن الذي قدمه الله ومن الذي أخره الله‏؟‏ فقال‏:‏ الذي أهبطه من فرض إلى فرض‏,‏ فذلك الذي قدمه الله والذي أهبطه من فرض إلى ما بقي فذلك الذي أخره الله فقال زفر‏:‏ فمن أول من أعال الفرائض‏؟‏ قال‏:‏ عمر بن الخطاب فقلت‏:‏ ألا أشرت عليه‏؟‏ فقال‏:‏ هبته‏,‏ وكان امرأ مهيبا قوله‏:‏ من أهبطه من فريضة إلى فريضة فذلك الذي قدمه الله يريد أن الزوجين والأم لكل واحد منهم فرض ثم يحجب إلى فرض آخر لا ينقص منه‏,‏ وأما من أهبطه من فرض إلى ما بقي يريد البنات والأخوات فإنهن يفرض لهن‏,‏ فإذا كان معهن إخوتهن ورثوا بالتعصيب فكان لهم ما بقي‏,‏ قل أو كثر فكان مذهبه أن الفروض إذا ازدحمت رد النقص على البنات والأخوات ولنا‏,‏ أن كل واحد من هؤلاء لو انفرد أخذ فرضه فإذا ازدحموا وجب أن يقتسموا على قدر الحقوق كأصحاب الديون والوصايا‏,‏ ولأن الله تعالى فرض للأخت النصف كما فرض للزوج النصف وفرض للأختين الثلثين‏,‏ كما فرض الثلث للأختين من الأم فلا يجوز إسقاط فرض بعضهم مع نص الله تعالى عليه‏,‏ بالرأي والتحكم ولم يمكن الوفاء بها فوجب أن يتساووا في النقص على قدر الحقوق‏,‏ كالوصايا والديون وقد يلزم ابن عباس على قوله مسألة فيها زوج‏,‏ وأم وأخوان من أم فإن حجب الأم إلى السدس خالف مذهبه في حجب الأم بأقل من ثلاثة من الإخوة‏,‏ وإن نقص الأخوين من الأم رد النقص على من لم يهبطه الله من فرض إلى ما بقي وإن أعال المسألة‏,‏ رجع إلى قول الجماعة وترك مذهبه ولا نعلم اليوم قائلا بمذهب ابن عباس ولا نعلم خلافا بين فقهاء الأمصار في القول بالعول‏,‏ بحمد الله ومنه‏.‏

فصل‏:‏

حصل خلاف ابن عباس للصحابة في خمس مسائل اشتهر قوله فيها أحدها زوج وأبوان والثانية‏,‏ امرأة وأبوان للأم ثلث الباقي عندهم وجعل هو لها ثلث المال فيها والثالثة‏,‏ أنه لا يحجب الأم إلا بثلاثة من الإخوة والرابعة لم يجعل الأخوات مع البنات عصبة والخامسة أنه لا يعيل المسائل فهذه الخمس صحت الرواية عنه فيها‏,‏ واشتهر عنه القول بها وشذت عنه روايات سوى هذه ذكرنا بعضها فيما مضى‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ وإذا كانا ابنا عم‏,‏ أحدهما أخ لأم فللأخ للأم السدس وما بقي بينهما نصفين

هذا قول جمهور الفقهاء يروى عن عمر رضي الله عنه ما يدل على ذلك‏,‏ ويروى ذلك عن على رضي الله عنه وزيد وابن عباس وبه قال أبو حنيفة ومالك‏,‏ والشافعي ومن تبعهم وقال ابن مسعود‏:‏ المال للذى هو أخ من أم وبه قال شريح والحسن‏,‏ وابن سيرين وعطاء والنخعي‏,‏ وأبو ثور لأنهما استويا في قرابة لأب وفضله هذا بأم فصار كأخوين أو عمين أحدهما لأبوين‏,‏ والآخر لأب ولأنه لو كان ابن عم لأبوين وابن عم لأب‏,‏ كان ابن العم للأبوين أولى فإذا كان قربه لكونه من ولد الجدة قدمه فكونه من ولد الأم أولى ولنا‏,‏ أن الإخوة من الأم يفرض له بها إذا لم يرث بالتعصيب وهو إذا كان معه أخ من أبوين‏,‏ أو من أب أو عم وما يفرض له به لا يرجح به‏,‏ كما لو كان أحدهما زوجا ويفارق الأخ من الأبوين والعم وابن العم إذا كانا من أبوين‏,‏ فإنه لا يفرض له بقرابة أمه شيء فرجح به ولا يجتمع في إحدى القرابتين ترجيح وفرض‏.‏

فصل‏:‏

فإن كان معهما أخ لأب‏,‏ فللأخ من الأم السدس والباقي للأخ من الأب وإن كان معهما أخ من أبوين فكذلك وإن كان ابن عم لأبوين‏,‏ وابن عم هو أخ لأم فعلى قول الجمهور للأخ السدس‏,‏ والباقي للآخر وعلى قول ابن مسعود المال كله لابن العم الذي هو أخ لأم‏.‏

فصل‏:‏

فإن كان ابنا عم أحدهما أخ من أم‏,‏ وبنت أو بنت ابن فللبنت أو بنت الابن النصف والباقي بينهما نصفين‏,‏ وسقطت الإخوة من الأم بالبنت ولو كان الذي ليس بأخ ابن عم من أبوين أخذ الباقي كله كذلك وعلى قول ابن مسعود الباقي للأخ في المسألتين بدليل أن الأخ من الأبوين يتقدم على الأخ من الأب بقرابة الأم‏,‏ فإن كان في الفريضة بنت تحجب قرابة الأم وحكى عن سعيد بن جبير أن الباقي لابن العم الذي ليس بأخ وإن كان من أب لأنه يرث بالقرابتين ميراثا واحدا‏,‏ فإذا كان في الفريضة من يحجب إحداهما سقط ميراثه كما لو استغرقت الفروض المال سقط الأخ من الأبوين‏,‏ ولم يرث بقرابة الأم بدليل مسألة المشركة ولنا على ابن مسعود‏,‏ أن البنت تسقط الميراث بقرابة الأم فيبقى التعصيب منفردا فيرث به‏,‏ وفارق ولد الأبوين فإن قرابة الأم لم يرجح بها ولا يفرض لها فلا يؤثر فيها ما يحجبها وفي مسألتنا يفرض له بها فإذا كان في الفريضة من يحجبها‏,‏ سقطت ولأنه لو كان مع ابن العم الذي هو أخ أخ من أب‏,‏ وبنت لحجبت البنت قرابة الأم ولم ترث بها شيئا‏,‏ فكان للبنت النصف والباقي للأخ من الأب ولولا البنت لورث لكونه أخا من أم السدس‏,‏ فإذا حجبته البنت مع الأخ من الأب وجب أن تحجبه في كل حال لأن الحجب بها لا بالأخ من الأب ما ذكره سعيد بن جبير ينتقض بالأخ من الأبوين مع البنت‏,‏ وبابن العم إذا كان زوجا ومعه من يحجب بني العم ولا نسلم أنه يرث ميراثا واحدا بل يرث بقرابته ميراثين كشخصين فصار كابن العم الذي هو زوج‏,‏ وفارق الأخ من الأبوين فإنه لا يرث إلا ميراثا واحدا فإن قرابة الأم لا ترث بها مفردة‏.‏

فصل‏:‏

فحصل خلاف ابن مسعود في مسائل ست‏,‏ هذه إحداهن والثانية في بنت وبنات ابن وابن ابن‏,‏ الباقي عنده للابن دون أخواته الثالثة في أخوات لأبوين وأخوات لأب الباقي عنده للأخ دون أخواته الرابعة‏,‏ بنت وابن ابن وبنات ابن عنده لبنات الابن الأضر بهن من السدس أو المقاسمة الخامسة أخت لأبوين وأخ وأخوات لأب‏,‏ للأخوات عنده الأضر بهن من ذلك السادسة كان يحجب الزوجين والأم بالكفار والعبيد والقاتلين ولا يورثهم‏.‏

فصل‏:‏

ابن ابن عم هو أخ لأم‏,‏ وابن ابن عم آخر للأخ السدس والباقي بينهما وعند ابن مسعود الكل للأخ‏,‏ وسقط الآخر فإن كان أحدهما ابن أخ لأم فلا شيء له بقرابة الأخوة لأن ابن الأخ للأم من ذوى الأرحام‏,‏ وإن كان عمان أحدهما خال لأم لم يرجح بخؤولته وقيل على قياس قول ابن مسعود وجهان أحدهما لا يرجح بها والثاني‏,‏ يرجح بها على العم الذي هو من أب فيأخذ المال لأنه ابن الجد والجدة والآخر ابن الجد لا غير وإن كان العم الآخر من أبوين‏,‏ فالمال بينهما لأن كل واحد منهما يدلى بجدة وهما ابنا الجد وهكذا القول في ابني عم أحدهما خال أو ابني ابني عم أحدهما خال فأما على قول عامة الصحابة‏,‏ فلا أثر لهذا عندهم‏.‏

فصل‏:‏

ابنا عم أحدهما زوج فللزوج النصف والباقي بينهما نصفان عند الجميع فإن كان الآخر أخا من أم فللزوج النصف‏,‏ وللأخ السدس والباقي بينهما أصلها من ستة‏,‏ للزوج أربعة وللأم اثنان وترجح بالاختصار إلى ثلاثة وعند ابن مسعود‏,‏ الباقي للأخ فتكون من اثنين لكل واحد منهما سهم ثلاثة بني عم‏,‏ أحدهم زوج والآخر أخ من أم فللزوج النصف‏,‏ وللأخ السدس والباقي بينهما على ثلاثة أصلها من ستة‏,‏ يضرب فيها الثلاثة تكن ثمانية عشر للزوج النصف تسعة‏,‏ وللأخ ثلاثة يبقى ستة بينهم على ثلاثة فيحصل للزوج أحد عشر وهي النصف والتسع‏,‏ وللأخ خمسة وهي السدس والتسع وللثالث التسع سهمان‏,‏ فإن كان الزوج ابن عم لأبوين فالباقي كله له وإن كان هو والثالث من أبوين‏,‏ فالثلث الباقي بينهما وتصح من ستة للزوج الثلثان‏,‏ ولكل واحد من الآخرين سدس وابن مسعود في جميع ذلك يجعل الباقي بعد فرض الزوج للذى هو أخ من أم‏.‏

فصل‏:‏

أخوان من أم أحدهما ابن عم فالثلث بينهما والباقي لابن العم وتصح من ستة‏,‏ لابن العم خمسة وللآخر سهم ولا خلاف في هذه المسألة فإن كانوا ثلاثة إخوة‏,‏ أحدهم ابن عم فالثلث بينهم على ثلاثة والباقي لابن العم‏,‏ وتصح من تسعة وإن كان اثنان منهم ابني عم فالباقي بعد الثلث بينهما وتصح من تسعة‏.‏

فصل‏:‏

ثلاثة إخوة لأم‏,‏ أحدهم ابن عم وثلاثة بني عم أحدهم أخ لأم‏,‏ فاضمم واحدا من كل عدد إلى العدد الآخر يصير معك أربعة بني عم وأربعة إخوة‏,‏ فهم ستة في العدد وفي الأحوال ثمانية ثم اجعل الثلث للإخوة على أربعة‏,‏ والثلثين على بني العم على أربعة فتصح من اثني عشر لكل أخ مفرد سهم‏,‏ ولكل ابن عم مفرد سهمان ولكل ابن عم هو أخ ثلاثة فيحصل لهما النصف‏,‏ وللأربعة الباقين النصف وعلى قول عبد الله للإخوة الثلث والباقي لابني العم اللذين هما أخوان والله أعلم‏.‏

باب أصول سهام الفرائض التي تعول‏:‏

معنى أصول المسائل المخارج التي تخرج منها فروضها وأصول المسائل كلها سبعة لأن الفروض المحدودة في كتاب الله تعالى ستة النصف والربع‏,‏ والثمن والثلثان والثلث‏,‏ والسدس ومخارج هذه الفروض مفردة خمسة لأن الثلث والثلثين مخرجهما واحد والنصف من اثنين والثلث والثلثان من ثلاثة‏,‏ والربع من أربعة والسدس من ستة والثمن من ثمانية‏,‏ والربع مع السدس أو الثلث أو الثلثين من اثني عشر والثمن مع السدس أو الثلثين من أربعة وعشرين فصارت سبعة وهذه الفروض نوعان أحدهما‏,‏ النصف ونصفه ونصف نصفه والثاني الثلثان ونصفهما ونصف نصفهما وكل مسألة فيها فرض مفرد فأصلها من مخرجه وإن كان فيها فرضان يؤخذ أحدهما من مخرج الآخر فأصلها من مخرج أقلهما‏,‏ وإن كان فيها فرضان من نوعين لا يؤخذ أحدهما من مخرج الآخر فاضرب أحد المخرجين في الآخر أو وفقه‏,‏ فما بلغ فهو أصل المسألة وفيها يكون العول لأن العول إنما يكون في مسألة تزدحم فيها الفروض ولا يتسع المال لها فكل مسألة فيها نصف وفرض من النوع الآخر فأصلها من ستة لأن مخرج النصف اثنان‏,‏ ومخرج الثلث والثلثين ثلاثة فتضرب اثنين في ثلاثة تكن ستة‏,‏ وهكذا سائرها والمسائل على ثلاثة أضرب عادلة وعائلة ورد فالعادلة‏,‏ التي يستوى مالها وفروضها والعائلة التي تزيد فروضها عن مالها والرد التي يفضل مالها عن فروضها ولا عصبة فيها وسنذكر أمثلة هذه الأضرب في هذا الباب بعون الله‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ وما فيه ربع وسدس أو ربع وثلث‏,‏ أو ربع وثلثان فأصلها من اثني عشر وتعول إلى ثلاثة عشر‏,‏ وإلى خمسة عشر وإلى سبعة عشر ولا تعول إلى أكثر من ذلك إنما كان أصلها من اثني عشر لأن مخرج الربع أربعة‏,‏ ومخرج الثلث ثلاثة ولا وفق بينهما فإذا ضربت أحدهما في الآخر‏,‏ كان اثني عشر فإن كان مع الربع سدس فبين الستة والأربعة موافقة فإذا ضربت وفق أحدهما في الآخر صار اثني عشر‏,‏ ولا بد في هذا الأصل من أحد الزوجين لأنه لا بد فيها من ربع ولا يكون فرضا لغيرهما وأمثلة ذلك زوج وأبوان وخمسة بنين‏,‏ للزوج الربع ثلاثة وللأبوين السدسان يبقى خمسة لكل ابن سهم زوج وابنتان وأخت وعصبة امرأة وأختان للأبوين أو لأب أو أختان لأم وعصبة امرأة وأخوان لأم وسبعة إخوة لأب العول زوج وابنتان وأم تعول إلى ثلاثة عشر امرأة وثلاث أخوات مفترقات زوج وأبوان وابنتان تعول إلى خمسة عشر امرأة وأختان من أب وأختان من أم امرأة وأم وست أخوات مفترقات تعول إلى سبعة عشر ثلاث نسوة وجدتان وأربع أخوات لأم وثمان لأب تعول إلى سبعة عشر ويصح لكل واحد منهن سهم‏,‏ وتسمى أم الأرامل ويعايل بها فيقال‏:‏ سبع عشرة امرأة من جهات مختلفة‏,‏ اقتسمن مال ميت بالسوية لكل امرأة سهم وهي هذه ولا يعول هذا الأصل إلى أكثر من هذا ولا يمكن أن يكمل هذا الأصل بفروض من غير عصبة ولا عول‏,‏ ولا يمكن أن تعول إلا على الأفراد لأن فيها فرضا يباين سائر فروضها وهو الربع فإنه ثلاثة وهي فرد‏,‏ وسائر فروضها يكون زوجا فالسدس اثنان والثلث أربعة والثلثان ثمانية والنصف ستة ومتى عالت إلى سبعة عشر‏,‏ لم يكن الميت فيها إلا رجلا‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ وما كان فيه ثمن وسدس أو ثمن وسدسان أو ثمن وثلثان‏,‏ فأصلها من أربعة وعشرين وتعول إلى سبعة وعشرين ولا تعول إلى أكثر من ذلك إنما كان كذلك لأنك تضرب مخرج الثمن في مخرج الثلثين‏,‏ أو في وفق مخرج السدس فيكون أربعة وعشرين ولم نقل‏:‏ وثلث لأن الثلث لا يجتمع مع الثمن‏,‏ فإنه لا يكون إلا للزوجة مع الولد ولا يكون الثلث في مسألة فيها ولد لأنه لا يكون إلا لولد الأم والولد يسقطهم‏,‏ أو الأم بشرط عدم الولد ومسائل ذلك‏:‏ امرأة وأبوان وابن أو ابنان أو بنون وبنات امرأة وابنتان وأم وعصبة ثلاث نسوة وأربع جدات وستة عشر بنتا وأخت امرأة وبنت ابن وجدة وعصبة العول‏:‏ امرأة وأبوان وابنتان تعول إلى سبعة وعشرين‏,‏ وتسمى البخيلة لأنها أقل الأصول عولا لم تعل إلا بثمنها وتسمى المنبرية‏,‏ لأن عليا رضي الله عنه سئل عنها على المنبر فقال‏:‏ صار ثمنها تسعا ومضى في خطبته يعني أن المرأة كان لها الثمن ثلاثة من أربعة وعشرين‏,‏ صار لها بالعول ثلاثة من سبعة وعشرين وهي التسع ولا يكون الميت في هذا الأصل إلا رجلا لأن فيها ثمنا ولا يكون إلا للمرأة مع الولد‏,‏ ولا يمكن أن يعول هذا الأصل إلى أكثر من هذا إلا على قول ابن مسعود فإنه يحجب الزوجين والأم بالولد‏,‏ والكافر والقاتل والرقيق‏,‏ ولا يورثه فعلى قوله إذا كانت امرأة وأم وست أخوات مفترقات وولد كافر فللأخوات الثلث‏,‏ والثلثان أربعة وعشرون وللأم والمرأة السدس والثمن سبعة‏,‏ فتعول إلى أحد وثلاثين‏.‏

فصول‏:‏

وإذا لم تنقسم سهام فريق من الورثة عليهم قسمة صحيحة فاضرب عددهم في أصل المسألة وعولها إن كانت عائلة إلا أن يوافق عددهم سهامهم بنصف‏,‏ أو ثلث أو غير ذلك من الأجزاء فيجزئك ضرب وفق عددهم في أصل المسألة وعولها إن كانت عائلة‏,‏ فما بلغ فمنه تصح فإذا أردت القسمة فكل من له شيء من أصل المسألة مضروب في العدد الذي ضربته في المسألة وهو الذي يسمى جزء السهم‏,‏ فما بلغ فهو له إن كان واحدا وإن كانوا جماعة قسمته عليهم وإن شئت قلت‏:‏ إذا كان الكسر على فريق واحد فلواحدهم بعد التصحيح مثل ما كان لجماعتهم قبل التصحيح أو وفقه إن كان وافق‏,‏ مثال ذلك زوج وأم‏,‏ وثلاثة إخوة أصلها من ستة للزوج النصف ثلاثة‏,‏ وللأم السدس سهم بقي للإخوة سهمان لا تنقسم عليهم‏,‏ ولا توافقهم فاضرب عددهم وهو ثلاثة في أصل المسألة‏,‏ تكن ثمانية عشر سهما للزوج ثلاثة في ثلاثة تسعة وللأم سهم في ثلاثة ثلاثة وللإخوة سهمان في ثلاثة تكن ستة‏,‏ لكل واحد منهم سهمان ولو كان الإخوة ستة وافقتهم سهامهم بالنصف فردهم إلى نصفهم ثلاثة‏,‏ وتعمل فيها كعملك في الأولى سواء ولكل واحد من الإخوة سهم وهو وفق سهام جماعتهم‏.‏

فصل‏:‏

وإن كان الكسر على فريقين‏,‏ لم تخل من أربعة أقسام أحدها أن يكون العددان متماثلين فيجزئك ضرب أحدهما في المسألة‏,‏ ومثال ذلك زوج وثلاث جدات‏,‏ وثلاثة إخوة أصلها من ستة للزوج ثلاثة‏,‏ وللجدات سهم وللإخوة سهمان فتضرب أحد العددين في المسألة‏,‏ تكن ثمانية عشر وطريق القسمة فيها مثل طريقها إذا كان الكسر على فريق واحد سواء ولو كان الإخوة ستة وافقوا سهمهم بالنصف‏,‏ رجعوا إلى ثلاثة وكان العمل فيها كما ذكرنا سواء القسم الثاني أن يكون العددان متناسبين وهو أن يكون أحدهما ينتسب إلى الآخر بجزء من أجزائه‏,‏ كنصفه وثلثه أو غير ذلك من الأجزاء فيجزئك ضرب العدد الأكثر منهما في المسألة‏,‏ ومثاله ما لو كان الجدات في هذه المسألة ستا فإن عدد الأخوات نصف عدد الجدات فاجتزئ بعددهن‏,‏ واضربه في أصل المسألة تكن ستة وثلاثين ومنها تصح ولو كان عدد الإخوة ستة‏,‏ وافقتهم سهامهم بالنصف ورجعوا إلى ثلاثة وعملت على ما ذكرناه القسم الثالث‏,‏ أن يكون العددان متباينين لا يماثل أحدهما الآخر ولا يناسبه‏,‏ ولا يوافقه مثل أن يكون عدد الجدات أربعا والإخوة ثلاثة فإنك تضرب عدد أحدهما في جميع الأجزاء‏,‏ فما بلغ ضربته في المسألة ومتى ضربته ها هنا كان اثني عشر فإذا ضربته في المسألة كانت اثنين وسبعين وإن وافق أحد العددين سهامه دون الآخر‏,‏ أخذت وفق الموافق وضربته فيما لم يوافق وعملت على ما ذكرنا وإن وافقا جميعا سهامهما رددتهما إلى وفقهما‏,‏ وعملت في الوقفين عملك في العددين الأصليين القسم الرابع أن يكون العددان متفقين بنصف أو ثلث‏,‏ أو ربع أو غير ذلك من الأجزاء فإنك ترد أحد العددين إلى وفقه‏,‏ ثم تضربه في جميع الآخر فما بلغ ضربته في المسألة ومثاله‏,‏ أن تكون الإخوة تسعة والجدات ستا فيتفقان بالثلث‏,‏ فترد الجدات إلى ثلثهن اثنين وتضربهما في عدد الإخوة تكن ثمانية عشر‏,‏ ثم تضرب ذلك في أصل المسألة تكن مائة وثمانية ومنها تصح‏.‏

فصل‏:‏

وإن كان الكسر على ثلاثة أحياز‏,‏ نظرت فإن كانت متماثلة كثلاث جدات وثلاث بنات وثلاثة أعمام ضربت أحدها في المسألة‏,‏ فما بلغ فمنه تصح المسألة ولكل واحد منهم بعد التصحيح مثل ما كان لجماعتهم وإن كانت متناسبة كجدتين وخمس بنات وعشرة أعمام‏,‏ اجتزأت بأكثرها وهي العشرة فضربتها في المسألة‏,‏ تكن ستين ومنها تصح وإن كانت متباينة مثل أن يكون الأعمام في هذه المسألة ثلاثة‏,‏ ضربت بعضها في بعض تكن ثلاثين ثم ضربتها في المسألة‏,‏ تكن مائة وثمانين وإن كانت متوافقة كست جدات وتسع بنات وخمسة عشر عما ضربت وفق عدد منها في جميع الآخر‏,‏ فما بلغ وافقت بينه وبين الثالث وضربت وفقه في جميع الثالث ثم اضرب ما معك في أصل المسألة فما بلغ فمنه تصح وإن تماثل اثنان منها وباينهما الثالث‏,‏ أو وافقهما ضربت أحد المتماثلين في جميع الثالث أو في وفقه إن كان موافقا‏,‏ فما بلغ ضربته في المسألة وإن تناسب اثنان وباينهما الثالث ضربت أكثرهما في جميع الثالث‏,‏ أو في وفقه إن كان موافقا ثم في المسألة وإن توافق اثنان‏,‏ وباينهما الثالث ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر ثم في الثالث‏,‏ وإن تباين اثنان ووافقهما الثالث كأربعة أعمام‏,‏ وست جدات وتسع بنات أجزأك ضرب أحد المتباينين في الآخر‏,‏ ثم تضربه في المسألة ويسمى هذا الموقوف المقيد لأنك إذا أردت وقف أحدهما لم يقف إلا الستة‏,‏ ولو وقفت غيرها مثل أن تقف التسعة وترد الستة إلى الاثنين لدخلا في الأربعة وأجزأك ضرب الأربعة في التسعة‏,‏ ولو وقفت الأربعة رددت الستة إلى ثلاثة ودخلت في التسعة وأجزأك ضرب الأربعة في التسعة فأما إن كانت الأعداد الثلاثة متوافقة‏,‏ فإنه يسمى الموقوف المطلق وفي عملها طريقان أحدهما ما ذكرناه من قبل‏,‏ وهو طريق الكوفيين والثاني طريق البصريين وهو أن تقف أحد الثلاثة‏,‏ وتوافق بينه وبين الآخرين وتردهما إلى وفقهما ثم تنظر في الوقفين‏,‏ فإن كانا متماثلين ضربت أحدهما في الموقوف وإن كانا متناسبين ضربت أكثرهما وإن كانا متباينين‏,‏ ضربت أحدهما في الآخر ثم في الموقوف وإن كانا متوافقين‏,‏ ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر ثم في الموقوف فما بلغ ضربته في المسألة ومثال ذلك‏:‏ عشر جدات واثنا عشر عما وخمس عشرة بنتا‏,‏ فقف العشرة توافقها الاثنا عشر بالنصف فترجع إلى ستة‏,‏ وتوافقها الخمس عشرة بالأخماس فترجع إلى ثلاثة وهي داخلة في الستة‏,‏ فتضرب الستة في العشرة تكن ستين ثم في المسألة‏,‏ تكن ثلاثمائة وستين وإن وقفت الاثنا عشر رجعت العشرة إلى نصفها خمسة والخمس عشرة إلى ثلثها خمسة‏,‏ وهما متماثلان فتضرب خمسة في اثني عشر تكن ستين وإن وقفت الخمس عشرة‏,‏ رجعت العشرة إلى اثنين والاثنا عشر إلى أربعة ودخل الاثنان في الأربعة‏,‏ فتضربها في الخمس عشرة تكن ستين في المسألة‏.‏

فصل‏:‏

معرفة الموافقة والمناسبة‏,‏ والمباينة الطريق في ذلك أن تلقى أقل العددين من أكثرهما مرة بعد أخرى فإن فني به فالعددان متناسبان وإن لم يفن به‏,‏ ولكن بقيت منه بقية ألقيتها من العدد الأقل فإن بقيت منه بقية ألقيتها من البقية الأولى‏,‏ ولا تزال كذلك تلقى كل بقية من التي قبلها حتى يصل إلى عدد يفنى الملقى منه غير الواحد‏,‏ فأى بقية فني بها غير الواحد فالموافقة بين العددين بجزء وتلك البقية إن كانت اثنين فبالأنصاف‏,‏ وإن كانت ثلاثة فبالأثلاث فإن كانت أربعة فبالأرباع فإن كانت أحد عشر‏,‏ أو اثني عشر أو ثلاثة عشر فيجزئ ذلك‏,‏ وإن بقي واحد فالعددان متباينان ومما يدلك على تناسب العددين أنك متى زدت على الأقل مثله أبدا‏,‏ ساوى الأكثر ومتى قسمت الأكثر على الأقل انقسم قسمة صحيحة‏,‏ ومتى نسبت الأقل إلى الأكثر انتسب إليه بجزء واحد ولا يكون ذلك إلا في النصف فما دونه‏.‏

فصل‏:‏

في مسائل المناسخات‏,‏ ومعناها أن يموت من ورثة الميت إنسان قبل قسم تركة الأول فإذا وجد ذلك نظرت فإن كان ورثة الأول يرثون الثاني على حسب ميراثهم من الأول مثل أن يكونوا عصبة لهما جميعا‏,‏ وقد يتفق ذلك في أصحاب الفروض في مسائل يسيرة كرجل مات عن امرأة وثلاثة بنين وبنت‏,‏ ثم مات أحد البنين قبل قسمة التركة فإن للمرأة من الأول سهما مثل سهم البنت وكنصف سهم ابن‏,‏ وكذلك لها من الثانية فإذا كان كذلك فاقسم المسألة على ورثة الثاني ولا تنظر إلى الأول‏,‏ فلو خلف رجل خمسة بنين وخمس بنات فمات منهم ابن‏,‏ ثم بنت ثم ابن ثم بنت‏,‏ ثم ابن ثم بنت قسمت الميراث على الابنين الباقيين‏,‏ والبنتين للذكر مثل حظ الأنثيين ولم ينظر في بقية المسائل فإن كان معهم من يرث من الأولى دون ما بقي‏,‏ كما لو كان مع هؤلاء امرأة للميت ليست أما لهم فإنك تعزل لها الثمن وتقسم الباقي على ما ذكرناه‏,‏ وإن كانت أما لهم إلا أنها ماتت قبلهم أو بعد بعضهم ولم تخلف وارثا غيرهم‏,‏ قسمت الميراث كله على الباقين للذكر مثل حظ الأنثيين ولم ينظر في ميراثها لأنه قد صار إليهم فإن لم يكونوا كذلك‏,‏ فإنك تقسم مسألة الأول ثم تنظر ما صار للميت الثاني منها فإن انقسم على مسألته فقد صحت المسألتان مما صحت منه الأولى‏,‏ ومثال ذلك امرأة وبنت من غيرها وأخ ماتت البنت وخلفت زوجا وبنتا وعما فالمسألة الأولى من ثمانية‏,‏ للمرأة سهم وللبنت أربعة ويبقى للأخ ثلاثة‏,‏ ومسألة الميتة الثانية من أربعة لزوجها سهم ولابنتها سهمان ويبقى سهم للأخ الأول‏,‏ فصار له من المسألتين أربعة أسهم وصحت المسألتان من ثمانية وإن لم تنقسم سهام الميت الثاني على مسألته وافقت بين سهامه ومسألته فإن اتفقا‏,‏ رددت مسألته إلى وفقها ثم ضربته في المسألة الأولى فما بلغ فمنه تصح المسألتان‏,‏ ثم كل من له شيء من المسألة الأولى مضروب في وفق المسألة الثانية وكل من له شيء من المسألة الثانية مضروب في وفق سهام الميت الثاني مثال ذلك إذا خلفت البنت زوجا وابنتين‏,‏ فمسألتها من اثني عشر توافقها سهامها بالربع فترجع إلى ثلاثة‏,‏ تضرب في ثمانية تكن أربعة وعشرين للمرأة سهم من الأولى في ثلاثة بثلاثة وللأخ ثلاثة في ثلاثة بتسعة‏,‏ وله من الثانية سهم في سهم تكن عشرة وللزوج ثلاثة في سهم‏,‏ وللابنتين ثمانية وإن لم يوافق سهامه مسألته ضربت المسألة الثانية في الأولى ثم كل من له شيء من المسألة الأولى مضروب في الثانية ومن له شيء من الثانية مضروب في سهام الميت الثاني‏,‏ فإن مات ثالث عملت مسألته ونظرت سهامه مما صحت منه المسألتان‏,‏ فإن انقسم على مسألته صحت مما صحت منه الأوليان وإن لم تصح‏,‏ وافقت بين مسألته وسهامه وضربت وفق سهام مسألته إن وافقت أو جميعها‏,‏ إن لم توافق فيما صحت منه الأوليان وعملت على ما ذكرناه وكذلك تصنع في الرابع والخامس وما بعده‏.‏

فصل‏:‏

وإن أردت قسمت المسألة على قراريط الدينار‏,‏ فإنها في عرف أهل بلدنا أربعة وعشرون قيراطا فإن كانت السهام كثيرة فلك في قسمها طريقان أحدهما أن ينظر ما تركب منه العدد‏,‏ فإنه لا بد أن يتركب من ضرب عدد في عدد فانسب أحد العددين إلى أربعة وعشرين إن كان أقل منها‏,‏ وخذ من العدد الآخر مثل تلك النسبة فما كان فهو لكل قيراط وإن كان أكثر من أربعة وعشرين قسمته عليها فما خرج بالقسم فاضربه في العدد الآخر‏,‏ فما بلغ فهو نصيبه مثال ذلك ستمائة أردت قسمتها فإنك تعلم أنها متركبة من ضرب عشرين في ثلاثين‏,‏ فانسب العشرين إلى أربعة وعشرين تكن نصفها وثلثها فخذ نصف الثلاثين‏,‏ وثلثها خمسة وعشرين فهو سهم القيراط وإن قسمت الثلاثين على أربعة وعشرين‏,‏ خرج بالقسم سهم وربع فاضربها تكن خمسة وعشرين كما قلنا والثاني‏,‏ أن تنظر عددا إذا ضربته في الأربعة والعشرين ساوى المقسوم أو قاربه فإذا بقيت منه بقية ضربتها في عدد آخر حتى يبقى أقل من المقسوم عليه‏,‏ ثم تجمع العدد الذي ضربته إليه وتنسب تلك البقية من المقسوم عليه فتضمها إلى العدد‏,‏ فيكون ذلك سهم القيراط مثاله في مسألتنا أن تضرب عشرين في أربعة وعشرين تكن أربعمائة وثمانين‏,‏ ثم تضرب خمسة في أربعة وعشرين تكن مائة وعشرين وتضم الخمسة إلى العشرين‏,‏ فيكون ذلك سهام القيراط فإذا عرفت سهام القيراط فانظر كل من له سهام فأعطه بكل سهم من سهام القيراط قيراطا فإن بقي له من السهام ما لا يبلغ قيراطا‏,‏ فانسبه إلى سهام القيراط وأعطه منه مثل تلك النسبة فإن كان في سهام القيراط كسر‏,‏ بسطتها من جنس الكسر ثم كل من له سهام بعدد مبلغ السهام فله بعدد مخرج الكسر قراريط‏,‏ وتضرب بقية سهامه في مخرج الكسر وتنسبها منها مثال ذلك زوج وأبوان وابنتان‏,‏ ماتت الأم وخلفت أما وزوجا‏,‏ وأختا من أبوين وأختين من أب وأختين من أم فالأولى من خمسة عشر‏,‏ والثانية من عشرين فتضرب وفق إحداهما في الأخرى تكن مائة وخمسين‏,‏ وسهم القيراط ستة وربع فابسطها أرباعا تكن خمسة وعشرين‏,‏ فهذه سهام القيراط فللبنت من الأولى أربعة في عشرة تكن أربعين‏,‏ فلها بخمسة وعشرين أربعة تبقى خمسة عشر اضربها في مخرج الكسر تكن ستين‏,‏ واقسمها على خمسة وعشرين تكن اثنين وخمسين فصار لها ستة وخمسان‏,‏ وللأب من الأولى والثانية ستة وعشرون فله بخمسة وعشرين أربعة قراريط وابسط السهم الباقي أرباعا‏,‏ تكن أربعة أخماس خمس ولزوج الأولى ثلاثون فله بخمسة وعشرين منها أربعة قراريط‏,‏ وابسط الخمسة الباقية تكن عشرين وهي أربعة أخماس قيراط ولأم الثانية سهمان‏,‏ ابسطهما أرباعا تكن خمس قيراط وثلاثة أخماس خمس قيراط وكذلك لكل أخت من أم‏,‏ وللأختين من الأب مثل ذلك وللأخت من الأبوين ستة ابسطها أرباعا‏,‏ تكن أربعة أخماس قيراط وأربعة أخماس خمس‏.‏

فصل‏:‏

في قسمة التركات إن أمكن أن تنسب سهام كل وارث من المسألة‏,‏ ثم تعطيه من التركة مثل تلك النسبة فحسن ومثال ذلك زوج وأبوان وابنتان‏,‏ والتركة أربعون دينارا فللزوج ثلاثة وهي خمس المسألة‏,‏ فله خمس التركة وهي ثمانية دنانير ولكل واحد من الأبوين ثلثا خمس المسألة‏,‏ فله ثلثا الثمانية ولكل واحد من البنتين مثل ما للأبوين كليهما وإن شئت ضربت سهام كل وارث في التركة‏,‏ وقسمت ذلك على المسألة فما خرج فهو نصيبه وإن شئت قسمت التركة على المسألة‏,‏ ثم ضربت الخارج بالقسم في سهام كل وارث فما بلغ فهو له وإذا كانت المسألة عددا أصم عملت بإحدى هاتين الطريقتين‏,‏ وإن كان في السهام كسر بسطتها من جنسه على ما ذكرنا في القسم على قراريط الدينار ولك في قسم التركة في مسائل المناسخات أن تقسم التركة أو القراريط على المسألة الأولى‏,‏ فما حصل للميت الثاني قسمته على مسألته ثم تفعل بالثالث والرابع وما بعدهما كذلك وإذا كان بين المسألة والتركة موافقة‏,‏ فخذ وفقيهما واعمل بهما ما ذكرنا‏.‏

فصل‏:‏

وإذا كانت التركة سهاما من عقار فاضرب أصل سهام العقار فيما صحت منه المسألة‏,‏ فما بلغ فهو سهام العقار واضرب سهام كل وارث من أصل المسألة في السهام الموروثة من العقار واضرب سهام الشركاء في أصل مسألة الورثة ومثال ذلك‏:‏ زوج وأم وأخت‏,‏ والتركة ربع وسدس دار المسألة من ثمانية‏,‏ وأصل سهام العقار اثنا عشر فاضربها في الثمانية تكن ستة وتسعين‏,‏ فللزوج ثلاثة من مسألة مضروبة في السهام الموروثة وهي خمسة تكن خمسة عشر‏,‏ وللأخت كذلك فانسبها من الدار تكن ثمنها وربع ثمنها وللأم سهمان في خمسة‏,‏ تكن عشرة وهي نصف سدس الدار وثمن سدسها وإن شئت قلت‏:‏ هي نصف ثمنها‏,‏ وثلث ثمنها وإن شئت بسطت الربع والسدس من قراريط الدينار وهي عشرة وقسمتها على المسألة‏,‏ فللأم ربعها وهو قيراطان ونصف وللأخت ثلاثة أثمانها‏,‏ وهي ثلاثة قراريط وثلاثة أرباع قيراط وكذلك الزوج‏.‏